كشف تقرير صحفي مطول لجريدة الصباح في عددها الصادر يوم الأربعاء الفارط سبب وفاة الشاب محمود ثابت بتلك الطريقة.
وجاء في التقرير ما يلي :
عاشت تونس نهاية الأسبوع الفارط على وقع الاختفاء المفاجئ والغامض لشاب يدعى محمود ثابت كان يستعد لمناقشة رسالة تخرجه بتاريخ امس الاول الاثنين، وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي اهتماما منقطع النظير بالواقعة وتعاطفا كبيرا مع عائلة المفقود، قبل ان ينزل عدد من أصدقائه وعشرات الأمنيين الى الميدان بحثا عن المفقود.. ولكن بعد نحو 66 ساعة من الانتظار.. من التفتيش نزل الخبر الصاعقة على الجميع.. الخبر الذي لم ينتظره احد..ولم يفكر فيه أحد ولم يتوقعه في البداية احد واهتزت كل تونس على وقعه وخاصة في الضاحية الشمالية حيث يقيم..مات محمود..
«العثور على سيارة الشاب المفقود في حفرة مياه»..»جثة داخل سيارة الشاب المفقود»..»التعرف على جثة الشاب المفقود».. كانت هذه بعض عناوين المواقع الالكترونية المتابعة لقضية اختفاء محمود قبل ان تكشف وزارة الداخلية في ساعة متأخرة من مساء امس الاول ملابسات الوفاة الصادمة اعتمادا على تسجيل لاحدى كاميراهات المراقبة المثبتة في بناية محاذية لموقع الحادثة وتنكشف بالتالي الحقيقة التي انتظرها الرأي العام ويوضع حدا لبقية السيناريوهات..
آخر اللحظات..
مساء يوم الجمعة 25 ديسمبر الجاري تسلم محمود ثابت وهو شاب من مواليد مارس 1990 سيارة والده البيضاء وتحول الى العمران الاعلى للاحتفال بتخرج صديقه.. تسامر الاصدقاء الثمانية الى حدود منتصف الليل الا ربع، عندما قرر محمود المغادرة وسلك الطريق نحو المرسى رغم قرار حظر التجوال، وفي الطريق كان على اتصال ببعض اصدقائه وارسل لأحدهم فيديو يظهره وهو داخل السيارة بالقرب من اشغال المحول الرابط بين حي الخضراء وضفاف البحيرة(مستوى بورجل) كما ارسل رسائل صوتية لصديق آخر.
محمود كان يدرك ان سلك الطريق الوطنية رقم 9 بالضاحية الشمالية وهو متوجه نحو المرسى زمن حظر التجوال محفوف بالمخاطر باعتبار كثافة الدوريات الامنية في مختلف المفترقات تقريبا، لذلك، وتفاديا للتتبعات والمخالفات عرَّج عن الطَّريق الرئيسية وسلك منطقة مهجورة(بطحاء) محاطة بقنال مائي به حواجز اسمنتية لا يمكن الوصول إليها عبر الطرقات المعبدة كما انها لا تشهد مرور المترجلين او العربات تقع بين الطريق الوطنية رقم 9 على مستوى أشغال المحول والمنطقة المعروفة باسم»اللاك زيرو» وتحديدا خلف بناية للمراقبة الالية(مقر فني) تابعة للشركة التونسية للكهرباء والغاز، في الأثناء أُغلِق هاتفه المحمول بسبب نفاد الشحن وهو ما حير اصدقاؤه وافراد عائلته.
اختفاء مفاجئ..
اتصل عدد كبير منهم بمحمود ولكن هاتفه كان مغلقا.. انتابت الحيرة الجميع.. دب الخوف في قلوب الاهل والاصحاب.. الساعة الواحدة من فجر السبت.. الثانية.. الثالثة.. حتى طلع الصباح وتواترت الساعات ثقيلة على الجميع.. ولم يظهر محمود.. محمود الشاب الناجح في دراسته.. الشاب المحبوب بين الكل.. الفتى الذي كان ينتظر فرحة التخرج يوم الاثنين فقرر عدد من الاصدقاء التحول الى آخر مكان بعث منه الفيديو..
وصل عدد من رفاق دربه الى المكان.. تثبتوا جيدا حتى ادركوه.. فتشوا كل النقاط والزوايا المحيطة به وتحدوا الطقس الشتوي الممطر وبرك المياه والغدران على حافة الطريق الوطنية رقم 9 وعلى طول القنال ولكن دون جدوى.. فتشوا في عدة مناطق اخرى بالضاحية الشمالية كالكرم والمرسى وضفاف البحيرة والبحر الازرق وحلق الوادي.. نشروا بلاغات الضياع والفقدان على مواقع التواصل الاجتماعي حتى لاقت تعاطفا كبيرا من المتابعين، وتناقلت الخبر الاذاعات والمواقع الالكترونية وتحول اختفاء محمود المفاجئ والغامض والمحيّر الى قضية رأي عام.
انطلاق الابحاث..
ظلت دار لقمان على حالها.. محمود والسيارة مفقودان.. العائلة تنتظر في حيرة.. الاصدقاء مصدومون من اختفاء الصديق الحميم رغم كل محاولاتهم واستفساراتهم لدى المصالح الامنية والسجنية والصحية.. فيما الساعات تتواتر ثقيلة حتى جاء صباح